يعتبر الجزائري المخضرم سليم ايلاس (30 عاما) احد اوائل السباحين الافارقة الذي نجحوا في المنافسة على الصعيد الدولي سواء في بطولات العالم او الالعاب الاولمبية وفتح الطريق امام سباحين اخرين من بلاده والقارة السمراء لكي يؤمنوا بقدراتهم على مقارعة الابطال العالميين.
لم يكن احد يراهن على بزوغ سباح جزائري في المحافل الدولية في بلد تتمتع فيه كرة القدم والعاب القوى بشعبية جارفة، الاولى بسبب انجازات المنتخب في نهائيات مونديال 1982 في اسبانيا بفضل جيل ذهبي يتقدمه رابح ماجر والاخضر بلومي، والثانية بفضل تألق العدائين نور الدين مرسلي وحسيبة بولمرقة في بطولات العالم والالعاب الاولمبية، في حين لا تتمتع رياضة السباحة باي اهتمام.
حتى ايلاس نفسه لم يكن يتوقع لنفسه مستقبلا زاهرا ويقول في هذا الصدد: "كنت امارس الرياضة الى جانب متابعة دراستي لانها مفيدة فقط للصحة، ولم اكن اتصور بانها ستصبح مهنتي".
كان ايلاس يحلم بان يصبح طيارا لكن والديه سعوا الى تعليمه السباحة بسرعة لاستغلال قرب البحر كونهما من مدينة وهران الساحلية قبل ان يسجلوه في احد افضل الاندية المحلية.
وسرعان ما لفت ايلاس المولود في 14 نيسان/ابريل عام 1975 انتباه المدربين وخاض اول مسابقة له وهو في الثامنة من عمره ثم دافع عن الوان منتخب بلاده للمرة الاولى في سن الثانية عشرة. ومنذ ذلك الحين اتخذت مسيرته وتيرة تصاعدية وراح يعزز ارقامه عاما بعد عام ونجح بالامس في تحطيم الرقم القياسي لالعاب دورة المتوسط عندما توج بطلا لسباق 50 م حرة مسجلا 31ر22 ثانية علما بان الرقم السابق كان في حوزته وسجله في التصفيات صباح يوم السباق.
وبعد ان بانت موهبته تماما وبدأ يغرد خارج السرب محليا نصحه مدربه التوجه الى الخارج لمتابعة تدريباته بعد ان لمس فيه مشروع بطل.
ولقيت النصيحة اذانا صاغية وتشجيعا من والدي ايلاس، اما هو فلم يكن متحمسا لترك عائلته واصدقائه والاوقات الجميلة التي كان يقضيها على شواطى وهران.
وحتى عندما توجه الى باريس عام 1993 رغما عنه فانه عندما اتصل بالمدرب الفرنسي ستيفان باردو مدرب السباح الفرنسي الشهير فرانك اسبوزيتو كان يريد اكمال دراسته الجامعية في عاصمة النور.
لم يكن ايلاس يثق بقدراته لمواجهة التحدي الكبير لكن مدربه الجديد اعتبر ان تلميذه يملك الاسلحة اللازمة للذهاب بعيدا في السباحة نظرا لبنيته الجسدية الهائلة وذلك على الرغم من افتقاده الى التقنية في السباحة.
ويقول باردو في هذا الصدد: "عندما وصل ايلاس الى فرنسا كان موهبة في حاجة الى صقل ومنذ اللحظة الاولى عملنا على ان يتأقلم مع النظام الصارم للتمارين وتحسين الشوائب التقنية في ادائه".
واوضح "لم يكن ايلاس يتحمل الخطأ لانه جاء من دولة لا تهتم كثيرا برياضة السباحة وكانت لها اولويات اخرى، لكن لا احد يستطيع ان يصبح بطلا بالصدفة لان الامر يحتاج الى كثير من الجهد والمثابرة".
ويعترف ايلاس بان معرفته بالمدرب باردو كانت نقطة تحول جذرية في مسيرته وقال: "لو بقيت في وهران لما كان احد يسمع بي الان، الفوارق واضحة جدا بين مستوى السباحة العادية ومستوى سباحة النخبة".
واضاف "كنت اسجل 53 ثانية في سباق 100 م اما الان فتحسن رقمي الى 49 ثانية".
لم يكن انتقال ايلاس سهلا الى فرنسا لان الاتحاد الجزائري للسباحة لم ينظر بعين الرضا الى هذه العملية واعتبرها تمردا، فكان في بعص الاحيان لا يعيره اهمية وفي احيان اخرى يتهمه بالتخلي عن بلاده.
لكن ايلاس ظل وفيا لبلاده ورفض الحصول على الجنسية الفرنسية على الرغم من ان الدولة الفرنسية كانت مستعدة لتقديم جميع التسهيلات له من اجل البروز.
لقد فتح ايلاس بفضل علاقاته المتينة مع المسؤولين عن السباحة الفرنسية الباب اما سباحين جزائريين اخرين للحصول على منح للتدريب في فرنسا وبفضله فان سباحين جزائريين كثر يتوقع لهم ان يبرزوا في المستقبل.
ويعتبر ايلاس اول سباح افريقي وعربي ينال ميدالية في بطولة العالم داخل حوض صغير باحرازه برونزية في موسكو عام 2002. كما أحرز فضية سباق 100 م في بطولة العالم الاخيرة في انديانابوليس الاميركية العام الماضي.
وكان ايلاس احرز 4 ذهبيات في الدورة العربية في الجزائر العام االماضي أيضا.
الثلاثاء مارس 22, 2011 1:24 pm من طرف aya
