ضيعة ضايعة للمخرج "الليث حجو" صيغ جديدة و أساليب مبتكرة لا يمكن وصفها بالابتذال
عرضت فضائية أبو ظبي المسلسل السوري ضيعة ضايعة للمخرج الليث حجو، وقبل أي صفة يمكن أن نلامس بها المسلسل وقبل أي نقد يمكن أن نتناوله به، يمكن القول
بأن هذه الطريقة من الطرح ليست تقليدية، وليست مجرد كوميديا بطابع جدل الشخصيات، فمنذ الحلقة الأولى تمَّت مفاجأة الجمهور من خلال عدد من الآليات التي اتبعها المخرج في طرحه، من خلال تقديم الشخصية للجمهور ملخصاً دورها العام في المسلسل، وتبرز المفاجأة بشكل أكبر من خلال ترجمة اللهجة المحلية لبيئة المسلسل إلى اللغة العربية الفصحى والتي قصد بها المخرج أبعد من مجرد ترجمة المصطلح صعب الفهم بل ترجمة مصطلحات ذات دلالات مقصودة تتناول الوضع العام.
جدلية الشخصيتين الرئيسيتين في المسلسل”أسعد ـ جودي” ليست كوميديا الطبيعتين المتناقضتين، بل تنحو نحو تمثيل نموذجين حياتيين منتشرين في كل البيئات والمجتمعات وهما نموذج البساطة والطيبة، ونموذج الذكاء والخبث، اللذين تربطهما ببعض البيئة الاجتماعية والجيرة، ولكن طرح هذين النموذجين في بيئة الريف البسيط تجعل تفاصيل العلاقة بينهما أقل تعقيداً وصلاتهما ببعضهما أكثر مباشرة، وطبائعهما أكثر بساطة، بحيث إن خلافاتهما وتضاد مواقفهما يأتيان على تفاصيل بسيطة وأمور حياتية صغيرة لا تدخل تعقيدات المدن والبيئات الواسعة بها، مما يحقق الهدف من الحوار والجدل بشكل أوضح وأبسط وأقرب إلى الجمهور، وأخف من حيث الكوميديا التي تدخل فيها إلى حد ما البيئة من خلال ريفيتها وتفاصيلها الصغيرة ولهجتها.
كل شخصية من شخصيات العمل يمكن تركيبها في مجتمعات عدة ولكن اختصارها ضمن إطار العمل، أعطاها السمة الأكثر مرونة والأكثر قدرة على التماس مع طرفي الخير والشر في المسلسل.
أسعد هذه الشخصية البسيطة الفقيرة النظيفة التي لشدة بساطتها تظهر غبية في الكثير من المواقف، وجودي شخصية خبيثة ذكية تسعى إلى استغلال الشخصية البسيطة في إطار مصالحها وراحتها ولكن هذا الريف يجعل كلاً من الشخصيتين بسيطتين أحياناً بحكم بعده عن التعقيد والمفاهيم الكبرى، ويجعل الصراع أخف وطأة، فدخولهما في مجال التهريب اقترن بعدة صناديق من السجائر وحمار للنقل بدلاً من الصفقات الكبيرة، وخلافهما على المورد الاقتصادي جاء من خلال دكان صغير وبقرة، وليس من خلال معمل أو مؤسسة اقتصادية كبيرة بحيث إن اختصار الصراعات الكبيرة والطبائع الإنسانية المتضادة ضمن شخصيتين مثل جودي وأسعد وبيئة تحتوي على المختار والتاجر والمخبر ورئيس المخفر، سهل إكساء الطابع الكوميدي على العمل وجعل المعنى الأكبر أسهل تجسيداً. هذه الرؤية التي شاهدناها بشكل مكثف في وقت سابق أي في مسلسل بقعة ضوء لنفس المخرج، لم تخسر من كوميديتها ولم تبدُ مطولة بفضل تقنية العمل الإخراجية والأسلوب المبسط الذي اتخذه المخرج بحرفية عالية.
موضوع بهذه البساطة وكوميديا بهذه الطبيعة أكثر تأثيراً وجذباً واستقطاباً للجمهور من كثير من الأعمال التي فشلت أحياناً في إدخاله إلى صلب المجتمع وإن نجحت فقد تركته ضائعاً في تفاصيلها.
ضيعة ضايعة:
سيناريو: ممدوح حمادة.
بطولة: باسم ياخور ـ نضال سيجري ـ آمال سعد الدين ـ تولاي هارون ـ جرجس جبارة ـ زهير رمضان ـ فادي صبيح ـ رواد عليو .
إخراج: الليث حجو.